الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ -
المقالات

بيان كفر طارق السُّويدان

2012/05/29

 

 
بيان كفر طارق السُّويدان
 
للشَّيخ العلاَّمة:
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
 
 
 
 
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
يقول السائل:
·    هذا كلام طارق السُّوَيدان يقول: (جزُءٌ آخر من قضيَّة الحُرِّية بالنِّسبة لي هي الحُرِّيَّةُ المُتَعَلِّقة بالتَّعبير
 
-حُرِّية التَّعبير- من حقِّ النَّاس أن تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي) اهـ.
[ردُّ الشَّيخ يحيى حفظه الله-]:
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليماً كثيراً, أمَّا بعد:
فقد شاعت هذه المقولة ما يُسَمَّى بـ«حُرِّية التَّعبير» أو: «حُرِّية الفكر» أو: «حُرِّية الاعتقاد» أو «حُرِّية الأديان», أو ما إلى ذلك وهذه الألفاظ منتقدةٌ شرعاً, وإنَّما يُقبل ما كان منها صحيحاً, ويُرَدُّ ما كان منها باطلاً؛ فحُرِّيَّةُ التَّعبير: أن يُعَبِّر بحدود ما أباح الله سبحانه وتعالى, وأذن الله به, وليست له حُرِّيةٌ أن يقول باطلاً أو زوراً أو كذباً أو فجوراً؛ والدَّليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [الأحزاب: 70] , ورتَّب على القول السَّديد أموراً عظاماً من دين الله وفوائد يستفيدها من تحرَّى ذلك؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71], فصلاح الأعمال جُملةً وتفصيلاً ينوط بملازمة القول السَّديد وتحرِّيه, ومغفرة الذُّنوب كذلك مرتبة على ملازمة القول السَّديد وتحرِّيه, واللهُ سبحانه وتعالى يقول: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18], وهذه الكلمة المطلقة على عواهنها يعني معناه أنَّه له أن يقول كلمة الكفر ويشهد الزُّور, وله أن يكذب وله أن ينطق بأيِّ باطلٍ وفجور؛ يغتاب؛ ينم؛ يفعل الفواحش؛ وهذا يتعارض مع القرآن والسُّنَّة سواءٌ يفعلها بلسانه أو بغيرها؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36], وثبت من حديث معاذ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «وهل يكبُّ النَّاس في النَّار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم», والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا[التَّوبة: 74], فسمَّاها: «كلمة كُفرٍ» فرُبَّ كلمةٍ يتكلَّم بها العبد يهوي بها في النَّار كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام-: «إنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة ما يُلقي لها بالا يهوي بها في النَّار سبيعاً خريفاً» وقال: «إنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه», وفي الصَّحيحين أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت», فليست له حُرِّيةٌ أن يقول الباطل كما يدَّعي بعض هؤلاء أنَّه حُرٌّ, ولو كان الأمر كما يقولون لفسدت السَّماوات والأرض ومن فيهنَّ, ولكن اللهُ سبحانه وتعالى كلَّف العباد بعباداتٍ فيها سعادتهم ونجاتهم ورتَّب حُدوداً؛ برمي المُحصنات فيه حدٌّ في كتاب الله، والكذب فيه زواجر من كتاب الله ومن سُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ قال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ولا زال العبد يكذب ويتحرَّى الكذب حتَّى يُكْتَبَ عند الله كذَّاباً»,وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «ولا يزال يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا», وقال: «الصِّدق طُمَأنينة والكذب ريبة», فهذا اللِّسان يجب أن يُضبط على شرع الله ودينه, واللهُ سبحانه يقول: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53]
أنت عبدٌ لله سبحانه تعبَّدك اللهُ سبحانه بطاعته وحرَّم عليك معصيته, والعبادة عرَّفها أهل العلم أنَّها: «اسم جامعٌ لكلِّ ما يُحِبُّه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظَّاهرة والباطنة» وهل التَّسبيح والتَّحميد وقراءة القرآن وغير ذلك من طاعات الله إلا باللِّسان؟! وكلمة التَّوحيد هي كلمة الإخلاص: «قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا» وكم في الكتاب والسُّنَّة ممَّا يتعلَّق بالقول، ولو آخر حياته قال: «لا إله إلا الله» تكلَّم بالحقِّ في آخر حياته سار من النَّاجين, لحديث المسيب بن حزن رضي الله عنه, أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب, عند الاحتضار: «يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أُحَاجُّ لك بها عند الله» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنَّة يوماً من الدَّهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه», والحديث حسن، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله», وقال صلى الله عليه وسلم: «قولوا خيراً تغنموا أو اسكتوا عن شرٍّ تسلموا»،  وقال تعالى:﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ  * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ *  أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ  ﴾ [الزُّخرف: 77-80], يسمع ما ينطقون به وما يقولونه؛ فهذا سمع على سياق التَّهديد لمن يقول باطلاً؛ وقال سبحانه:﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة: 1], فاللهُ سميعٌ بصيرٌ ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمَّد: 19].
 فهذه الدَّعوة: «حُرِّية الفكر»؛ «حُرِّية القول»الخ؛ في حُدود كتاب الله وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم, فلو أنَّ إنساناً يأتي إلى صلاته ويقرأ ما لم يأت به الدَّليل: صلاته باطلة؛ و لو أطلق لسانه بكلمة الطَّلاق نفذ طلاقه: «إنَّ اللهَ تجاوز لي عن أمَّتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلَّم», ولو شَهِد بلسانه على إنسان؛ أُوخِذ بما شهد لسانُه أو إقرارُه, وكتب الإقرار موجودة في كُتُبِ الفقه, فهذا القول من هؤلاء القوم إلغاءٌ لأعمال الجوارح التي يؤخذ بها العبد.
·       نوعٌ من الجبر: من عقيدة الجبر؛ أنَّه مجبور غير مؤاخذ بما يقول وما يفعل.
·       ومن جانبٍ أيضاً, اعتقاد فكريٌ خبيثٌ, إلغاءٌ لدين الله سبحانه وتعالى وإطلاقٌ للحُرِّيَّةِ الشَّيطانيَّة.
·       قال [طارق السُّوَيدان]: (من حَقِّ النَّاس أن تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي) اهـ.
[الرَّد:]
أيُّ فسادٍ أعظم من هذا المُعْتَقَد؟! فإذا كان له حُرِّية أن يقول أي قول ولو أغضب ربه عز وجل, وله حُرِّية يأخذ أيَّ دين -كما سيأتي- ويأخذ أيَّ فكرٍ؛ هذا كلام فارغ أن يقول بعد ذلك: (في غير الفساد الأخلاقي) فلم تبقِ على وجه الأرض رذيلة؛ إلا وفي مضامين هذا الكلام إباحتها.
·    [قال طارق السُّويدان:] (من حَقِّ النَّاس أن تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي: الدَّعوة إلى الأفكار) اهـ.
[الرَّد:]
واجبٌ على المسلم أن يدعو إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النَّحل: 125], وقال الله سبحانه لنبيِّه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف: 108], فلا يجوز أن يُقال: ادعوا إلى الأفكار، بل يجب على المسلم أن يدعو إلى الله؛ قال الله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصِّلت: 33], وقال الله تعالى: ﴿المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [الأعراف: 1-3], فلا يجوز الدَّعوة إلى أيِّ فكرٍ من الأفكار الهدَّامة؛ ويجب أن تكون الدَّعوة إلى الله؛ إلى دينه الحقِّ؛ وإلى كتابه وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، هكذا أرسل الله رُسَلَهُ وأنزل اللهُ كُتَبَه, قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النَّحل: 36], وجميع الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم, بعثهم الله بذلك, فقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف: 21]،  وقال الله تعالى:﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النَّحل: 36]، وقال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25]؛ فالدَّعوة إلى الأفكار لا تجوز, إلى فكرٍ يهودي أو نصراني ولا بوذي ولا هندوسي ولا بعثي ولا ناصري ولا اشتراكي ولا حزبي ولا رافضي ولا سائر البدع والمحدثات؛ يجب أن يُذعن الإنسان لدين الله الحقِّ, قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البيِّنة: 5]، على هذا فطر الله عباده, فقال تعالى:﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الرُّوم: 30].
·       قال [طارق السُّوَيدان]: (الدَّعوة إلى الأفكار، الاعتراض على الدَّولة، الاعتراض على الحاكم..). اهـ
[الرَّد:]
الاعتراض على الدَّولة وعلى الحاكم, هذه مسألةٌ استرسل فيها الخوارج؛ وهي دَيْدَنُهُم فلهذا تجدون الخوارج والمعتزلة والرَّوافض لا يقوم حاكمٌ إلاَّ وثاروا عليه؛ برًّا كان أو مسلماً عاصياً, ما يتركون شأن الحُكَّام يتفرَّغون لشئون المسلمين، ومن أصول المعتزلة الخمسة التي هي: "العدل، والتَّوحيد، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ومنزلة بين منزلتين"؛ أنَّ الأمر بالمعروف عندهم والنَّهي عن المنكر: هو"الخروج على وُلاَّة الأمور ولو كانوا مسلمين"! وعلى هذا يسير الرَّوافض, وعلى هذا ديدن الخوارج, وما سَلِمَ منهم أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه, وما سَلِمَ منهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه, وقاتلهم علي رضي الله عنه، قتلوا عثمان؛ وهو ابن ثمانين سنة عليه رضوان الله؛ ظلماً وبغياً وعدواً قتلوه، ثُمَّ قتلهم علي وكان يمشي بين القتلى ويقول رضي الله عنه: «قد ضرَّكم من غرَّكم»، وفشت هذه الفكرة حتَّى صارت ديدن كثيرٍ من النَّاس ممَّن لا ينظر إلى الأدلَّة أو لا يتفقَّه فيها أو لا يُعْطِيها حقَّها من التَّعبُّد لله عزَّ وجلَّ بامتثالها، فلا يَغْرُرْك أيُّها المسلم مثل هذه المقالات (السُّوَيْدِيَّة) أو (القرضاويَّة) أو (الثَّوريَّة) أو (الانقلابيَّة) أو غير ذلك؛ كُلُّ ذلك ليس من كتاب الله ولا من سُنَّة رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- وإنَّما هي من أَزِّ ودفع وإغراءات الشَّيطان وإغراءات أعداء الإسلام؛ لمقاتلة المسلمين بعضهم ببعض, والزَّجِّ بهم في الفتن والقلاقل والدِّماء والحروب وزعزعة الأمن, وغير ذلك ممَّا لا يرضاه الله سبحانه وتعالى, وعندك حصانةٌ من هذا الجانب أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: « على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره؛ إلا أَنْ يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة», وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه, بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره, وعلى أثرة علينا,فقال:« إلاَّ أن تَرَوْا كُفْراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان», وقال:«اسمعوا واطيعوا وإن تأمَّر عليكم عبدٌ كأنَّ رأسه زبيبة», وغير ذلك من الأحاديث التي في الصِّحاح والسُّنن والمسانيد والمعاجم، والله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ﴾ أي: أنتم وأولو الأمر منكم ﴿فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النِّساء: 59],هذا كتاب ربِّنا وسُنَّة نبيِّنا ونهج سَلَفِنا وإجماع أُمَّتِنا, من خالف ذلك فهو في ضلالٍ مُبِينٍ.
·       قال [طارق السُّويدان] أيضاً: (الاعتراض حتَّى على الإسلام ما عندي مشكلة فيه) اهـ.
[الرَّد:]
 السُّويدان, ما عنده مشكلة حتَّى في الاعتراض على الإسلام!!! والله عز وجل يقول:﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران: 85]
 و الإسلام هو: " الاستسلام لله بالتَّوحيد والانقياد له بالطَّاعة والخلوص من الشِّرك والبراءة من أهله".
 هذا هو الإسلام بتعريفه الصَّحيح؛ فإذا كان يُجيز الاعتراض على الإسلام فهو الاعتراض على ربِّ العالمين -وسيأتي-  أنه يُبيح الاعتراض على الله سبحانه! والاعتراض على رسوله صلى الله عليه وسلم! واسمع إلى أدلَّةٍ من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, تُوجب على كُلِّ مسلمٍ أن يأخذ الإسلام بكل قناعة, وأن يرضى به كما رضيه الله عزَّ وجلَّ لعباده, وأنَّه لا يجوز له أن يعترض على شيءٍ منها في صغير الأمور وكبيرها ودقيقها وجليلها:
·    قال اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب: 36].
·    وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النِّساء: 65]؛ الإسلام هو الَّذي رضيه الله لنا كيف نعترض على ما رضِيَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لنا وأمرنا به, ولا يرضى لعبدٍ من عباده التَّعَبُّد له سبحانه بغيره: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا[المائدة: 3], الله رضي لنا الإسلام و(السُّوَيْدَان) يدعو إلى الاعتراض عليه, ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85],إذا اعترضت عليه أيَّ دينٍ تُريد؟! تُريد تعترض عليه باليهوديَّة بالنَّصرانيَّة, معناه تُعَرِّض نفسك للخسارة, قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إِلا كان من أهل النار»
·     فالإسلام دين الله في سمائه وأرضه وجميع المكلفين من خلقه, قال تعالى:﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ[آل عمران: 19]، فمن رضي بملَّة غير دين الإسلام فهو سفيهٌ و كافرٌ بالله سبحانه وتعالى, ومن المُعَذَّبين, قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ* تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ* قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[البقرة:130-137]
·       قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبحمَّدٍ رسولاً».
·    وقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «قد أفلح من أسلم ورُزِقَ كفافاً وقنَّعه الله بما آتاه» وقال: «قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا» وكان يقول لهم: «أسلموا تسلموا».
وقال عليه الصلاة والسلام: « أبغض الناس إلى الله ثلاثة؛ ملحدٌ في الحرم, ومبيغ في الإسلام سنة جاهلية, ومطلب دم أمرى مسلم بغير حق ليهريق دمه», أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
واجبٌ أن يُقام على طارق السويدان, حدُّ الله, حدُّ الرِّدَّة لأنَّه مُرْتَدٌّ كافرٌ بالله سبحانه وتعالى لقوله هذه المقولات السَّابقة والآتية بما لا يحتمل التَّأويل؛ فإنَّه يُجيز الاعتراض على دين الإسلام،قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍوَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ[محمد:4-9]
وقال تعالى:﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ  * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ[محمَّد: 29-30]
 رافضيٌّ خبيثٌ يتستَّر بالرَّفض, حتَّى ظهر منه أشدُّه وأقبحه, ظهر منه الكُفر الصراح.
·       قال [طارق السُّوَيدان]: (ما عندي مُشكلة فيه حتَّى الاعتراض على الله تعالى وعلى رسول الله) اهـ.
[الرَّد:]
لا حول ولا قوة إِلا بالله, ما عنده مشكلة في الاعتراض على الله سبحانه وتعالى, وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم, واللهُ عزَّ وجلَّ يقول: ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[الزُّمر: 62-63], و يقول: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزُّمر: 67], و يقول في كتابه: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا *[نوح: 13-14]
 ويقول سبحانه:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة:12-22]
فالاعتراض عليه سبحانه وتعالى, مضادة له, قال الله عز وجل:﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23],خلقنا اللهُ عزَّ وجلَّ من عدم, وأمرنا بطاعته وخلقنا لعبادته؛ أم لنعترض عليه! ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذَّاريات: 56-58]، وقال تعالى:﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ[يونس: 107].
وقال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ[فاطر:15-17], ويقول:﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ[هود:57]
 فالاعتراض على الله أو على حُكْمِه وشرعه كفرٌ, قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[يوسف:40]
  وقال تعالى:﴿أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التِّين: 8]؛ وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44], وقال تعالى:﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ* قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[الأعراف:157-158]
 فمن لم يرض بحكم الله وشرعه ودينه ونبيه, ماذا بقي له من العبودية لله عز وجل, وأدلَّة ذلك: الكتاب والسُّنَّة كُلُّها والفطرة السَّليمة تُبغِض هذا القول وتُبْغِض أهلَه.
·       قال [طارق السُّوَيدان]: (من حقِّ الإنسان أن يختار الدِّين الَّذي يراه) اهـ
[الرَّد:]
ليس لأحدٍ حقٌ أبداً أن يختار غير دين الإسلام, إلاَّ إذا أراد جهنَّم, راضي لنفسه بعذاب الله وقد أشقاه الله وأهلكه الله ولعنه الله؛ فهذا الَّذي يُعَرِّض نفسه لغضب الله ولعنته ونقمته, قال تعالى:﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا[الكهف:29]
 وقال تعالى:﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا[الإنسان:3-6]
 من أراد لنفسه السَّلامة وأراد لنفسه الجنَّة وأراد لنفسه السَّعادة؛ فلا يرضى لنفسه غير دين الإسلام،
 قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: 19]، وقال: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا [الفتح: 28], وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]
وقال سبحانه وتعالى:﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ*لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ[النحل:106-109]
فليس لأحدٍ أن يختار غير دين الله الحقِّ, ومن أجاز لنفسه أن يخرج من دين الإسلام؛ فهو كافرٌ كفراً مخرجاً من الملَّة , وعلى ذلك القرآن والسنة و إجماع الأُمَّة, تقرأه في سائر كُتُبِ الفقه و الحديث والتفسير ؛ فإنَّ هذا من المسلَّمات أَنَّ من يُجيز لنفسه أو لغيره أن يخرج من دين الإسلام إلى دينٍ آخر؛ فهو كافرٌ مرتد للأدلَّة المذكورة، وغيرها كثير.
 قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «وهذا كما أن الفلاسفة ومن سلك سبيلهم من القرامطة والاتحادية ونحوهم يجوز عندهم أن يتدين الرجل بدين المسلمين واليهود والنصارى, ومعلوم أَنَّ هذا كله كفرٌ باتفاق المسلمين, فمن لم يقر باطنًا وظاهرًا بأَنَّ الله لا يقبل دينا سوى الإسلام فليس بمسلم, ومن لم يقر بأَنَّ بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لن يكون مسلم إلا من آمن به واتبعه باطنا وظاهرا فليس بمسلم, ومن لم يحرم التدين - بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم - بدين اليهود والنصارى بل من لم يكفرهم ويبغضهم فليس بمسلم باتفاق المسلمين, والمقصود هنا: أن النصارى يحبون أن يكون في المسلمين ما يشابهونهم به ليقوى بذلك دينهم ولئلا ينفر المسلمون عنهم وعن دينهم, ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بمخالفة اليهود والنصارى كما قد بسطناه في كتابنا (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم)» اهـ من مجموع الفتاوى (27/463).
·       يقول [طارق السُّويدان]: (ومن حقِّه أن يختار أي طائفةً يُريد أن يكون شيعي درزي) اهـ.
[الرَّد:]
ما يجوز لمسلمٍ أن يكون زنديقاً ولا مُبْتَدِعاً في دين الله؛بل يجب أن يكون العبد على الإسلام والسنة, ثبت من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور», وثبت من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لكل عملٍ شرة, ولكلِ شرةٍ فترة, فمن كانت فترته إلى سنتي فقد نجا, ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك», وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها, أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ»..
والله عز وجل يقول:﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزُّمر: 11-15]
ويقول سبحانه:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأنعام:153]
وقال سبحانه وتعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[آل عمران:103]
 فلا يجوز الانتحال في دين الإسلام بالبدع, ثبت أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ اللهَ لا يقبل توبة صاحب بدعة حتَّى يدع بدعته», هذا والرَّجل رافضي, ويريد أن يدعو النَّاس للرفض, وأيضاً أن يكونوا من الدُّروز النُّصَيْرِيَّة الباطنيَّة؛ وهم أكفر من اليهود والنَّصارى بإجماع من  يعتد به كما نقل ذلك شيخ الإسلام وغيره من الأئمَّة.
 والسويدان يُجيزُ للإنسان أن يكون دُرزِياً, أي نُصَيْرِيًّا باطنياً, ويُجيز له أن يكون شيعيًا رافضيًّا, و هذا هو نهجه؛ هذا مسلكه؛ و شأنه كما قال الله: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[البقرة: 120]، «الطُّيور على أشكالها تقع»، وفي الصحيح مرفوعًا: «الأرواح جُنودٌ مُجَنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».
·       [قال طارق السُّويدان:] (ومن حقِّ كُلِّ إنسان أن يعبد الرَّب الَّذي يختاره بالطَّريقة التي يختارها) اهـ.
[الرَّد:]
كم عند هذا الرجل أرباب! وكم عنده طرق غير طريق الإسلام, هل يحفظ سورة إلاخلاص!﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الإخلاص:1-4],وقول الله تعالى:﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[البقرة:163],وقوله تعالى:﴿ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ[الحج:34]
الخلق جميعاً مخلوقون واللهُ خالق: ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزّمر: 62]؛ وقال تعالى:﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان: 2]؛  وقوله تعالى:﴿الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2],  وقال تعالى:﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ[الزمر:64-66]
هذا معناه: أنَّ هناك أربابًا غير الله سبحانه وتعالى يستحقُّون العبادة دون الله، وهذا قد تجاوز مشركي قريش, قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت: 65],وكان أحدهم يتَّخذ (إساف),وآخر يتَّخذ: (نائلة), وآخرون يعبدون اللات, وآخرون يعبدون العزى, أما هذا القول؛ فعلى مبدأ الاتحادية, والله سبحانه يقول: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا[الأنعام: 164]؛  وقال تعالى:﴿أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا[الأنعام: 114] ,وقال الله سبحانه وتعالى:﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162-163]، وقال تعالى:﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ[الكوثر:1-3]
 قال الله سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النِّساء: 36], وقال: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا[الأنعام: 151].
ومن أشرك بالله يُعَرِّض نفسه لأشدِّ العذاب؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة: 72], وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النِّساء: 48، 116].
السويدان جمع في كلامه هذا بين الشِّرك بالله والدَّعوة إلى عبادة غير الله سبحانه وتعالى.
·       يقول [طارق السُّوَيْدان]: (فلا تُمْنَع كنائس ولا تُمْنَع معابد) اهـ.
[الرَّد:]
الرجل مُتَجَلِّد لليهود والنَّصارى والدفاع عن معابدهم, وحامل على الإسلام حملةً شرسةً، ولهذا من كلامه المنشور على الأشرطَّة أنَّه يعترض على الآيات القرآنية التي فيها لعن اليهود والنَّصارى؛ (كيف يُلعن اليهود والنَّصارى وأين يوجد هذا؟) يعني ليس موجودًا في الكتاب ولا في السُّنَّة! واللهُ سبحانه وتعالى يقول:﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 78-79], ويقول:﴿إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا [الأحزاب: 64-65], ويقول:﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ[البينة:6].
 وفي الصَّحيحين أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال:«لعنة الله على اليهود والنَّصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد», فلعنهم الله ولُعِنوا على ألسنة أنبيائه ورسله, قال تعالى:﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ[المائدة:78]
ولعن المنافقين, فقال سبحانه وتعالى:﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا[الأحزاب:60-62]
هذه سنة الله الجارية التي لا تبدل, في الكافرين والمنافقين أنهم ملعونون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (28/202) « فمن كان من هذه الأمة مواليا للكفار: من المشركين أو أهل الكتاب ببعض أنواع الموالاة ونحوها, مثل إتيانه أهل الباطل وإِتباعهم في شيء من مقالهم وفعالهم الباطل, كان له من الذم والعقاب والنفاق بحسب ذلك؛ وذلك مثل متابعتهم في آرائهم وأعمالهم؛ كنحو أقوال الصابئة وأفعالهم من الفلاسفة ونحوهم, المخالفة للكتاب والسنة؛ ونحو أقوال اليهود والنصارى وأفعالهم المخالفة للكتاب والسنة؛ ونحو أقوال المجوس والمشركين وأفعالهم المخالفة للكتاب والسنة, ومن تولى أمواتهم أو أحياءهم بالمحبة والتعظيم والموافقة فهو منهم؛ كالذين وافقوا أعداء إبراهيم الخليل: من الكلدانيين وغيرهم من المشركين عباد الكواكب أهل السحر؛ والذين وافقوا أعداء موسى من فرعون وقومه بالسحر, أو ادعى أنه ليس ثم صانع غير الصنعة, ولا خالق غير المخلوق, ولا فوق السماوات إله كما يقوله الاتحادية وغيرهم من الجهمية, والذين وافقوا الصابئة والفلاسفة فيما كانوا يقولونه في الخالق ورسله: في أسمائه وصفاته والمعاد وغير ذلك, ولا ريب أن هذه الطوائف, وإن كان كفرها ظاهرا, فإن كثيرا من الداخلين في الإسلام, حتى من المشهورين بالعلم والعبادة والإمارة, قد دخل في كثير من كفرهم وعظمهم ويرى تحكيم ما قرروه من القواعد ونحو ذلك, وهؤلاء كثروا في المستأخرين ولبسوا الحق, الذي جاءت به الرسل, بالباطل الذي كان عليه أعداؤهم, والله تعالى يحب تمييز الخبيث من الطيب, والحق من الباطل, فيعرف أن هؤلاء الأصناف منافقون أو فيهم نفاق؛ وإن كانوا مع المسلمين؛ فإن كون الرجل مسلما في الظاهر لا يمنع أن يكون منافقا في الباطن؛ فإن المنافقين كلهم مسلمون في الظاهر, والقرآن قد بين صفاتهم وأحكامهم, وإذا كانوا موجودين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي عزة الإسلام مع ظهور أعلام النبوة ونور الرسالة؛ فهم مع بعدهم عنهما أشد وجودا, لا سيما وسبب النفاق هو سبب الكفر وهو المعارض لما جاءت به الرسل عليهم الصَّلاة والسَّلام » اهـ
·       فقول [طارق السُّوَيْدان]: (فلا تُمْنَع كنائس ولا تُمْنَع معابد).
معارضٌ لحديث:«لا يجتمع في جزيرة العرب دينان», وقد ألَّف العلاَّمة إسماعيل الأنصاري -رحمة الله عليه- جُزْءاً جيِّداً بعنوان "حكم بناء الكنائس والمعاهد الشركية في بلاد الإسلام", قدَّم له الإمام ابن باز حيث قال رحمه الله:
«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه الرسالة مهمة في حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد أهل الإسلام، جمعها العلامة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري, الباحث في رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد, جزاه الله خيرا وزاده علماً وتوفيقاً, رداً على ما نشرته بعض الجرائد المصرية في جواز إحداث الكنائس في البلاد الإسلامية.
وقد قرأت هذه الرسالة من أولها إلى آخرها؛ فألفيتها رسالة قيمة، قد ذكر فيها مؤلفها ما ورد في بناء الكنائس والبيع وسائر المعابد الكفرية, من الأحاديث النبوية والآثار وكلام أهل العلم في المذاهب الأربعة، وقد أجاد وأفاد وختمها برسالتين جليلتين عظيمتي الفائدة للإمام العلامة أبي العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولا ريب أن موضوع الرسالة مهم جداً ولا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه اختلاط الكفار بالمسلمين, ونشاط النصارى في بناء الكنائس في بعض البلاد الإسلامية, ولا سيما بعض دول الجزيرة العربية.
وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية, وعلى وجوب هدمها إذا أُحدثت، وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن؛ أشد إثماً وأعظم جرماً ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب ، ونهى أن يجتمع فيها دينان ، وتبعه أصحابه في ذلك.
ولما استخلف عمر رضي الله عنه أجلى اليهود من خيبر, عملاً بهذه السنة؛ ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين؛ فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه, كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره.
ولِما حصل من التساهل في هذا الأمر العظيم, رأيت أَنَّ نشر هذه الرسالة مفيد جداً إن شاء الله ، بل من أهم المهمات, ولهذا أمرت بطبعها ونشرها وتوزيعها على حساب رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد, نصحاً للأمة وبراءة للذمة ومساهمة في إنكار هذا المنكر العظيم, والدعوة إلى إنكاره والتحذير منه، وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يطهر بلاد المسلمين عموماً والجزيرة العربية خصوصاً, من جميع المعابد الشركية، وأن يوفق ولاة أمر المسلمين إلى إزالتها والقضاء عليها؛ طاعة لله سبحانه وامتثالاً لأمر رسوله عليه الصلاة والسلام, وسيراً على منهج سلف الأمة وتحقيقاً لما دعا إليه علماء الإسلام من إزالة الكنائس والمعابد الشركية المحدثة في بلاد المسلمين، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
أملاه الفقير إلى عفو ربه: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن آل باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، حرر في ليلة الخميس 25/10/1400 هجرية». اهـ
فهذا القول  من السويدان؛ مخالف لكتاب الله وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وإجماع الأُمَّة, والله عز وجل يقول ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء:115]
·       قال [طارق السُّويدان]: (حتَّى حدُّ الرِّدة، أنا بالنِّسبة لي لا أعترف به أنَّه حَدٌّ أعتبره حدًّا سياسياً) اهـ.
[الرَّد:]
هو لا يعترف بحد الرِّدَّة لأنَّه مُرْتَدٌّ, وفي صحيح البخاري كتاب: (استتابة المرتدِّين)، والنَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «من بدَّل دينه فاقتلوه», واللهُ سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 217]
وقال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ[محمد:25-28]
فاللهُ سبحانه أبان في كتابه الرِّدَّةَ وأبان حُكْمَ أهلها, والنَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبان الرِّدَةَ وأبان حُكْمَ أهلِها, والأُمَّة مجمعون على حصول الرِّدَّة وانتقاض الإسلام ببعض المُكَفِّرات مع بيان حُكْمِ أهلها، قال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا[النساء:137]
 فـ«إنكار الرِّدَّة وإنكار حدها, رِدَّةٌ» ؛ لأنه إنكار للآيات والسنة المثبتة لها ولحدّها.
·    هذه عدَّة أمورٍ واحد منها يكفي في تكفير: (السُّوَيْدان) وإخراجه من مِلَّة الإسلام وأنَّه يجب عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى قبل فوات الأوان, فيُسْتَتَاب؛ فإِن تاب وإلاَّ يجب إقامة حد الردة عليه, قتلًا؛ لأنه كفر بالله عزَّ وجلَّ, لحديث: «من بدَّل دينه فاقتلوه».
·       المسألة الأولى: ممَّا انتقدت على هذا الرَّجل: «حُرِّيَّة التَّعبير» انتُقِدَ عليه ذلك بالأدلَّة الشَّرعيَّة.
·    [المسألة الثَّانية:] تلبيسه بقوله: ( من حقِّ النَّاس أَنْ ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي) فهذا من أشَدِّ الفساد الدِّيني والعرضي والأخلاقي في الدُّنيا والدِّين.
·    [المسألة الثَّالثة:] قوله: (الدَّعوة إلى الأفكار) أنَّه يُجيز الدَّعوة إلى الأفكار -أيِّ فكر- يهودي، نصراني... يُجيز الدَّعوة إليه، هذا كُفرٌ.
·    [المسألة الرَّابعة:] الاعتراض على الدَّولة المسلمة,باعتبار أنَّه يعترض عليها بما يُهَيِّج النَّاس ويُسَبِّب الخروج عليها, هذا لا يجوز شرعاً, وإنَّما وجب النُّصح على أدلَّة من كتاب الله وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم, ووجب اجتناب المنكر ممَّن جاء به من الدَّولة أو من غيرها.
قال العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في كتابه التنكيل( 1/94): "وقد جرب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشر ، خرج الناس على عثمان يرون أنهم إنما يريدون الحق, ثم خرج أهل الجمل يرى رؤساهم ومعظمهم أنهم إنما يطلبون الحق, فكانت ثمرة ذلك بعد اللتيا والتي أن انقطعت خلافة النبوة, وتأسست دولة بني أمية, ثم اضطر الحسين بن علي إلى ما اضطر إليه؛ فكانت تلك المأساة ، ثم خرج أهل المدينة فكانت وقعة الحرة ، ثم خرج القراء مع ابن الأشعث فماذا كان ؟ ثم كانت قضية زيد بن علي وعرض عليه الروافض أن ينصروه على أن يتبرأ من أبي بكر وعمر, فأبى فخذلوه ، فكان ما كان ، ثم خرجوا مع بني العباس؛ فنشأت دولتهم التي رأى أبو حنيفة الخروج عليها ، واحتشد الروافض مع إبراهيم الذي رأى أبو حنيفة الخروج معه, ولو كتب له النصر لاستولى الروافض على دولته "اهـ
·    [المسألة الخامسة:] الاعتراض على دين الإسلام؛ هذه من المُكَفِّرات ممَّا تُوجب تكفيره, فمثل ذلك لا يجوز السُّكوت عنه؛ لأنَّ هذا كفرٌ صراح، وفي كتاب «نواقض الإسلام» للنَّجدي وهكذا للعلاَّمة ابن باز رحمه الله وغيرهما من أهل العلم, بيان وجوب تكفير من كفَّره الشَّرع, كما دلَّ على ذلك كتاب الله وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم.
·       [المسألة السادسة:] الاعتراض على الله سبحانه وتعالى, هذه واحدة ممَّا توجب تكفيره.
·       [المسألة السابعة:] وعلى رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم, هذه ممَّا تُوجب تكفيره.
·       [المسألة الثامنة:] وأنَّه له أن يختار الدِّين الذي يراه, وهذه واحدة ممَّا توجب تكفيره.
·       [المسألة التاسعة:] وأنَّه يختار أن يكون شيعياً أو دُرْزِيًّا, أيضاً واحدة ممَّا تُوجب بيان زندقته.
·    [المسألة العاشرة:] وأنَّه من حقِّ كُلِّ إنسان أن يعبد الرَّبَّ الذي يختاره, هذا شركٌ ودعوة إلى الشِّرك والكُفْرِ بالله؛ وهي من أعظم ما تُوجِبُ تكفيره.
·    [المسألة الحادية عشر:] وأنَّه لا يمنع وجود الكنائس والمعابد في بلاد الإسلام, و يدعو إلى عبادة غير الله سبحانه.
·    [المسألة الثَّانية عشر:] وأنَّه ليس لأحدٍ أن يُواجه بناء الكنائس أو المعابد في بلاد الإسلام، ولا يعترض شركهم.
·    [المسألة الثالثة عشر:] وأنَّه لا يؤمن بحدِّ الرِّدَّة ولا يعتبر الرِّدَّة حدًّا, وإنَّما أمورٌ سِياسيَّة, هذا أيضاً ممَّا يُوجب تكفيرَه؛ لأن الله عز وجل يقول:﴿ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ[التوبة:56-66]
فأثبت لهم الإيمان, وأثبت أنهم كفروا وارتدوا عنه باستهزائهم بالله وآياته ورسوله.
فواحدة من هذه المذكورات تكفي في تكفير :( طارق السُّوَيدان), لانتفاء موانع التكفير عنه, و كان شيخنا -رحمة الله عليه- إذا ردَّ عليه وعلى أفكاره يقول: «سوَّد الله وجهه» فنسأل الله أن يُسَوِّدَّ وجهه إِن لم يَتُبْ من هذا الكُفْرِ؛ فهو كما يقول الله سبحانه: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران: 106-107].
هذا ردٌّ باختصار، وبلغنا أنَّ العلماء انقضُّوا عليه بالرَّد جزاهم اللهُ خيراً؛ فمثل هذا لا يُسْكَت عليه؛لأنَّه تنقُّصٌ لربِّ العالمين ولدين الله ولنبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم, وإجازة الخروج من الدِّين الإسلامي إلى غيره, والدَّعوة إلى الشِّرك بالله سبحانه وتعالى وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وليس أوَّل من ارتدَّ! ولا أوَّل من تزندق هو! ولا أوَّل من كفر بدين الله! وفي زمن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ كان يكتب له الوحي ثُمَّ ارتدَّ عن دين الله الحق وتنصر, وقال: (ما يعلم مُحَمَّد إلا ما كُنت أملي عليه), وفي زمن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ارتدَّت امرأةٌ وأقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم, عليها الحدَّ, وكانت تضحك بطنًا لظهر؛ أي: وهي قد حُكِمَ عليها بالرِّدَّة وحُكِمَ عليها بالقتل, وارتدَّ المُنافقون الَّذين كانوا يُظْهِرون الإسلام ويُبْطِنون الكفر , في زمن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم, فلمَّا مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أظهروا الرِّدَّة في زمن أبي بكرٍ رضي الله عنه, وجاهدهم أبو بكرٍ رضي الله عنه والصَّحابة معه, وقتل منهم وسبى منهم وغَنِمَ منهم, هذا ليس أوَّل من ارتدَّ: (طارق السُّوَيْدان) نسأل الله العِصْمَة من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتوفَّانا على الإسلام والسُّنَّة والحمد لله ربِّ العالمين , وفيما يلي تعليق مختصر على كلام الإمام ابن القيم الجوزية في حكم الاعتراض على الله عز وجل
قال رحمه الله تعالى في "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة"(2/849) ، في سياق كلامه على الجهمية فيما يتعلق بالاستسلام لله عزّ وجلّ والانقياد لشرعه وعدم الاعتراض على حكمه سبحانه وتعالى.
الوجه العاشر:
إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم([1])، وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع([2])، ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء به أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت وسلمت وأذعنت وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها على معرفته، ولا جعلت طلبه من شأنها، وكان رسولها أعظم في صدورها من سؤالها عن ذلك كما في الإنجيل، $يا بني إسرائيل لا تقولوا لم أمر ربنا ولكن قولوا بم أمر ربنا#([3])، ولهذا كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولا ومعارف وعلوما لا تسأل نبيها لم أمر الله بذلك، ولم نهى عن كذا ولم قدر كذا ولم فعل كذا لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام، وأن قدم الإسلام لا تثبت إلا على درجة التسليم، وذلك يوجب تعظيم الرب تعالى وأمره ونهيه فلا يتم الإيمان إلا بتعظيمه ولا يتم تعظيمه إلا بتعظيم أمره ونهيه، فعلى قدر تعظيم العبد لله سبحانه يكون تعظيمه لأمره ونهيه([4])، وتعظيم الأمر دليل على تعظيم الآمر، وأول مراتب تعظيم الأمر التصديق به، ثم العزم الجازم على امتثاله، ثم المسارعة إليه والمبادرة به رغم القواطع والموانع، ثم بذل الجهد والنصح في الإتيان به على أكمل الوجوه، ثم فعله لكونه مأمورا به بحيث يتوقف الإنسان على معرفة حكمته، فإن ظهرت له فعله وإلا عطله، فهذا من عدم عظمته في صدره([5])، بل يسلم لأمر الله وحكمته ممتثلا ما أمر به سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ورد الشرع بذكر حكمة الأمر أو فقهها العقل كانت زيادة في البصيرة والداعية في الامتثال، وإن لم تظهر له حكمته لم يوهن ذلك انقياده ولم يقدح في امتثاله فالمعظم لأمر الله يجري الأوامر والنواهي على ما جاءت لا يعللها بعلل توهنها وتخدش في وجه حسنها فضلا عن أن يعارضها بعلل تقتضي خلافها، فهذا حال ورثة إبليس والتسليم والانقياد والقبول حال ورثة الأنبياء.
الوجه الحادي عشر: إن المعترضين على الرب سبحانه قسمان:
قسم اعترضوا عليه في أمره ونهيه،
وقسم اعترضوا عليه في قضائه وقدره.
وربما اجتمع النوعان في حق المعترض وقد ينفرد أحدهما وإبليس ممن جمع النوعين فاعترض أولا عليه في أمره له بالسجود لآدم وزعم أنه مخالف للحكمة([6])، وأن الحكمة إنما تقتضي خضوع المفضول للفاضل لا ضد ذلك، وزعم أنه أفضل وخير من آدم ثم اعترض بعد ذلك على القضاء والقدر بهذه الأسولة([7])، فجمع بين الاعتراض على أمره وقدره وبث هذين النوعين في أصحابه وتلامذته([8])، وأخرجها لهم في كل قالب وصورة يقبلونها فيها، وآخر ذلك أوحى إليهم أن يعترضوا على خيره عن نفسه وخبر رسله عنه بالعقل، فعارض عدو الله أمره بأنه خلاف الحكمة، وقدره بأنه خلاف العدل، وخبره بأنه خلاف العقل، وسرت هذه المعارضات الثلاث في أتباعه، فهم خلفاؤه ونوابه، فهم على قدر أنصابهم منها، ومعلوم أن هذه الأنواع الثلاثة مضادة له ومجاهرة بالعداوة([9])، ومن التلبيس إخراج المعترض لها في صورة العلم والحب والمعرفة بألفاظ مزخرفة، تغر السامع، وتصغي إليها أفئدة أشباه الأنعام، وتنفعل عنها قلوبهم بالرضى بها وألسنتهم بالتكلم بها وجوارحهم بالعمل بمقتضاها([10]).
الوجه الثاني عشر: إن أعداءه المشركين اعترضوا على أمره وشرعه بقضائه وقدره، فجعلهم سبحانه بذلك كاذبين جاهلين مشركين، وهذه الأسولة الإبليسية تتضمن الاعتراض على قضائه وقدره بحكمته، وأن الحكمة تعارض ما قضاه وقدره كما أن اعتراض المشركين يتضمن أن القضاء والقدر يعارض ما شرعه وأمر به، وهذه المعارضات كلها من مشكاة واحدة، فإذا كان الاعتراض على دينه وشرعه بقضائه وقدره باطلا، فكذلك الاعتراض على قضائه وقدره بحكمته يوضحه. انتهى المقصود والحمد لله رب العالمين.
كان الفراغ من النظر فيه يوم الثلاثاء 8/ رجب/ 1433هـ
حمل الملف بصيغة pdf  


([1]) وقال الإمام الطحاوي رحمه الله في العقيدة الطحاوية: "ولا تثبت قدم الإسلام إلاّ على التسليم والاستسلام"
([2]) فإن عُلمت الحكمة في شيء من الأحكام الشرعية بها ونعمت، وإن لم تُعلم الحكمة في ذلك سمعنا وأطعنا، ﴿ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ[البقرة:285].
فلا يتوقف إيمان المؤمن على معرفة الحكمة أو العلّة من ذلك الشيء، بل يؤمن بالله سبحانه وتعالى وبشرعه وبحكمه، فإن علم حكمة أوعلّة تلك المسألة فذلك خير، وإن لم يعلم ذلك وهو مؤمن بالله سبحانه وتعالى، ولا يتوقّف إيمانه على معرفة الحكمة أو العلّة، ومن قول عليّ رضي الله تعالى: "لو كان الدِّين بالرأي لكان باطن القدم= = أحقّ من المسح من ظاهره ولقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر قدمه". وأشياء يتحيّر فيها الإنسان في أمر الحكمة فيبقى تائياً ولربما تعرض للزندقة، وانظر إلى ابن الراوندي يقول:
كَمْ عَالِمٍ عَالِمٍ أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ                     وَجَاهِلٍ جَاهِلٍ تَلْقَاهُ مَرْزُوقَا        
هذا الذي جعل الأوهام حائرة              وصير العالم النحرير زنديقا
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (1/232):وقد أجاد الشيخ ــ أي الحافظ الذهبي ــ  في حذف ترجمته من هذا الكتاب وإنما أوردته لألعنه توفي إلى لعنة الله في سنة ثمان وتسعين ومائتين.
            والمعري يقول:
إذا ما ذكرنا آدما وفعاله              وتزويجه بنتيه بابنيه في الخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر              وأن جميع الناس من عنصر الزنا
نسأل الله العافية، وذاك زواج، الله خلق آدم ثم حواء من ضلعه، بأذن الله وحكمه, والمعري جعل جميع أنبياء الله ورسل الله وخلق الله أنهم (من عُنصر الزنا) فأجابه بعضهم:
لعمرك أما القول فيك فصادقٌ *** وتكذب في الباقين من شط أو دنى
كذلك إقرار الفتى لازم ٌ له *** وفي الغير لغوٌ بذا جاء شرعنا
هؤلاء ذكائهم ما أغنا عنهم شيئاً، فليحذر امرء على نفسه من الانزلاق عن شرع الله ودينه إلى الأهواء والتخبطاط والركون إلى الذكاء، ولما ترجمة الإمام ابن كثير للمعري قال: "كان ذكيّاً ولم يكن زكيّاً"، قال الذهبي: "لعن الله الذكاء بلا إيمان، وحي الله البلاء مع التقوى", وهلك اليهود للتمرد على شرع الله وعلى نبي الله وعلى أنبياء الله فهلكوا ,قال تعالى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ[البقرة: 58] =
 = قال الله: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ[البقرة: 59] استثقلوا أوامر الله واستثقلوا شرع الله واستثقلوا دين الله وأحبوا المرود عنه واللجوء إلى الكفر فأذلهم الله ولعنهم وأخزاهم، وكم في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, من لعنهم ومقتهم وتوعدهم بالنار، وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)), فمن لم يقبل هدى الله ويعرض الله للاعتراض هذا لا خير فيه، كما أن الأرض السبخة لا نفع فيها، فإنها لا تنبت ولا تثمر ولا تمسك الماء.
([3]) عندنا من كتاب الله، القرآن، ما يغني عن ذلك.
([4]) على قدر تعظيمه لله يعظم شرع الله وعلى قدر تعظيمه لله يحب حملة دين الله.
([5]) فلو أنه قال: (أنا لا أصلي حتى أعلم ما حكمة جعل الفجر ركعتين والعشاء أربعاً)، أي بعد نومه واستراحته ينبغي أن يصلي عشرين ركعة، وبعد شغله وتعبه له أن يصلي ركعة واحدة، يعني هذا سيكون زنديقا لاعتراضه على شرع الله.
([6])﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12]، هذا من الاعتراض على ربه سبحانه وتعالى، وأن الحكمة تقتضي في نظر إبليس اللعين- أن الخيرية منوطة بالنار لا بالطين.
([7]) أي تسولة إبليسيّة، ﴿الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ [محمد:25].
([8]) وممن بث هذا النوع من الاعتراض: (السويدان) !! بثّ الشيطان فيه جواز الاعتراض على الله ورسوله ودينه.
([9]) أي على الله، فإن الاعتراض على الله ورسله ودينه مضادة لله سبحانه وتعالى، ومجاهرة لله بالعداوة.
([10]) أشبه بالأنعام بل أضلّ.