الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

تحذير أهل البلاد من عواقب الدماء والفساد

15-04-2011 | عدد المشاهدات 8505 | عدد التنزيلات 1836

 

 
تحذير أهل البلاد من عواقب الدماء والفساد
خطبة جمعة للشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى
 
 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الخطبة الأولى:
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:71]: أما بعد :
فيقول الله عز وجل في كتابه الكريم ﴿فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [هود:116], في هذه الآية العظيمة بيان من الله عز وجل أنَّ النهي عن الفساد نجاة, وأنه في كل زمان أهل النهي عن الفساد في الأرض بقية قليلة, وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه ونقمه, وأنَّ من لج في الباطل هلك ولم ينج , وأنَّ المجرمين أتباع الترف والهوى البلاء يأتي من أطرافهم حتى يؤدي بهم إلى الإجرام , وهذا كقول الله عز وجل ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [الأعراف:166], و كقول النبي صلى الله عليه وسلم (( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا )), أي أنَّ الماء يصعد في السفينة من ذلك الخرق ويهلكون جميعاً, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا, وفي القرآن ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾, فالنهي عن الفساد  فيه نجاة للعباد, لأن الفساد لا يحبه الله ولا يحب المفسدين قال الله تعالى ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾ [القصص:77], هذه نصيحة أهل العلم لقارون وقومه كما وصفهم الله عز وجل في آخر الآية بقوله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص:81] .
الفساد جعل الله عز وجل الدار الآخرة للذين لا يريدونه, والذين يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عنه, فقال في آخر هذه الآيات ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:83], فالله جعل الدار الآخرة جنتها حوارها وقصورها ودورها وأنهارها وبساتينها, الدار الآخرة كلها ميراث ﴿ لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا ﴾, تلك عاقبة المتقين, قال تعالى ﴿ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾.
الفساد لا يحبه الله,  ألا وإنِّ من أعظم الفساد ومن أعظم العيث في البلاد لهو إراقة الدماء المحرمة وإزهاق الأرواح المظلومة, قال الله عز وجل ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:30], فمن أعظم الفساد سفك الدم الحرام, لقول الله عز وجل ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى ــ أي صار صاحب مكنة, وصار صاحب قوة وصارت له ولاية ــ  سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ﴾ [البقرة:206], أي تكفيه جهنم, الموعظة لا تكفيه ولا ترده, تذكيره بالتقوى ما ينفعه, فحسبه جهنم يكفيه جهنم, فأبان الله عز وجل أن من الناس من إذا تكلم كلامه يعجبك, وإذا تكلم يشهد الله أنه مؤمن, وأن فعله خلاف ذلك, يسعى في الأرض فساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ, فتدبر هذه الآية كثيراً ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى  سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ــ وعلى المثال الذي يناسب ذكره هنا: يدٌ تسّبح ويدٌ تذبّح!!!, ومن هذا الباب ما أخرجه البخاري الباب الثامن عشر من كتاب الأدب من صحيحه عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وجاء أنه قال" يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم الكبيرة تسألون عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُتم ابْنَ بنت النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يشهد الله أن قلبه طيب ويعجبك قوله إذا تكلم, ولكنَّ الواقع واقع سفك دماء وهلكة وإفساد في الأرض إهلاك للحرث والمعايش, ومحاولة تجويع الناس وقطع الاقتصاد وظلم العباد وغاية الإفساد, ويهلك النسل, والنسل يشمل الأولاد, و الرجال و النساء الذين هم مادة النسل بعد فضل الله عز وجل وخلقه, هذا فساد.
فقتل الأنفس البريئة فسادٌ مقرون بالشرك بالله عز وجل, قال الله عز وجل ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * من معاني أثام: أنه عذاب في جهنم, وقيل وادٍ في جهنم أي يلقى جهنم*   يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان:69], إذاً تأمل أثم من فعل ذلك, ففي حديث ابن مسعود في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ (( لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأول كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأنه أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ )), هذا يبين أن ابن آدم الأول الذي قتل أخاه حسداً من أجل دنيا أنه يتحمل من أوزار كل القتلة, وهذا نظير قول الله عز وجل ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل:25], وفي صحيح مسلم من حديث  أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال((  أتدرون من المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع! ـــ وهذا هو المفلس في كتب الفقه وأبواب الفقه, الذي يقال فلان فلّس أي صار لا مال له وعليه ديون للناس, ولكن الإفلاس الأعظم الذي أبانه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إفلاس الآخرة, ذاك إفلاس, وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم الإفلاس الأكبر ـــ فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)), قارن بين هذا الحديث وما يدل عليه من شدة مضاعفة الذنوب على من سفك الدم الحرام, مع حديث ((  إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأول كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأنه أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ )), ومع قول الله عز وجل ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *   يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـــ أي يشدد ويكرر عليه ـــ  وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾, وهذا كقول الله في كتابه الكريم ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ [المائدة:32], الشاهد من الآية أن من قتل نفساً في الأرض يضاعف له العذاب كأنما قتل الناس جميعاً, ومما يوضح هذا التضعيف إن الإنسان إذا قتل يتوعد بخمسة وعيد ذكرها الله في سورة النساء في قوله  ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ــ هذا عذاب ووعيد شديد ــ الوعيد الثاني ــ خَالِدًا فيها ـــ فالموحدون العصاة يخرجون من النار بمشيئة الله تعالى لقوله تعالى ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء:48],ولكن هذا متوعد بالخلود ـــ  وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ ُ ـــ وهذه مضاعفة ثالثة ـــ  وَلَعَنَهُ ــ هذه مضاعفة رابعة اللعنة ــ  وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ أي شديدا وهذه مضاعفة خامسة, قارن بين هذه الآية وبين قوله تعالى ﴿ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾, وكيف صار على قاتل النفس المحرمة عدة مضاعفات من العذاب.
الله عز وجل أمر نبيه أن يقول للناس ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام:151],هذه وصية رب العالمين لمن يعقل, فمن كان يعقل دين الله ويعقل شرع الله ويعقل أوامر الله ويعقل نواهي الله هذه وصايا رب العالمين له, ﴿ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾, ومن الحق التي تقتل به النفس ما في الصحيحين عن ابن مسعود, وصح في خارج الصحيح عن عثمان بن عفان وعائشة رضي الله عنهم: أن  النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزان ــ أي يرجم حتى يموت ــ والنفس بالنفس  ــ أي بالقصاص لقوله تعالى ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾, فقتل النفس بالنفس حياةٌ للناس, أي أن ذلك يدفع الباغي والمعتدي والسفاك والظالم للناس يزجره بما يسبب حياة الناس وحقن دمائهم, فإنه إذا علم أنه سيقتل يكون رادعاً له لأنه قليل أو عديم الخوف من الله سبحانه وتعالى فمثله لا يردعه و يزجره إلا الحد, ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حياة﴾, ((والتارك لدينه المفارق للجماعة)), أي المرتد عن الإسلام لحديث (( من بدل دينه فقتلوه)).
هذا من معاني قول الله عز وجل﴿ إلا بالحق﴾, فلا تقتل النفس البريئة المسلمة إلا بالحق, نفس معصومة عصمها الله تزهقها بغير حق من أجل دنيا, من أجل أن تكون العزة لك أو لفلان, ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ )), فمن قال لا اله إلا الله فهو معصوم الدم, معصوم المال معصوم العرض.
معشر المسلمين هذا دين الله, هل بقي للمسلمين عندكم عصمة لدمائهم لأموالهم, هل بقى لهم أمان يأمنون على أنفسهم, وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى في حشد كبير من الناس يوم النحر, وفي خطبته العظيمة قَالَ (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ)) متفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
 وها نحن نقول من هذا المنبر اللهم فأشهد, دماء المسلمين محرمة, أموال المسلمين محرمة, لا تبيحها مظاهرات ولا تبيحها ثورات ولا انقلابات ولا يبيحها شيءٌ من الأشياء إلا ما أباحه الله عز وجل شرعاً, كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه, هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, كفى بالمرء إثماً أن يحقر أخاه فما بالك بمن يقتل أخاه, إنها خسارة الدنيا والآخرة, قال الله عز وجل في كتابه الكريم ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبِينُ﴾ [الزمر:15], وتأمل خسارة القتل بغير حق في قوله تعالى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ــ حسدهُ, أول جريمة تقع في الأرض بسبب التحاسد على الدنيا كما هو شأن الناس الآن والتهالك عليها ــ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ــ أي إن قتلتني تحمل وزري وأثمي مع أثمك  ــِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة:30]. وما أحسن ما قيل:
 
ولست بقاتلٍ رجلاً يصلي
 
على سلطان آخر من قريشِ

له سلطانه وعليَّ

 
أثمي معاذ الله من جهلٍ وطيشِ

أأقتل مسلماً من غير جرمٍ

 
فلست بنافعِي ما عشت عيشِ

 
ماذا تنفعك الدنيا وما فيها إذا خسرت نفسك في الدار الآخرة وأزهقت روحاً  مسلمة معصومة, وأرقت دماً حراماً بغير حق وإنما من أجل دنيا زوالها كلها أهون على الله من قتل مؤمن, ثبت من حديث البراء بن عازب وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق )), وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول (( ما أعظمك وأعظم حرمتك, والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك)),وصح هذا موقوفاً على ابن عمر من قوله, وثبت من حديث أسامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين وإنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله وإن رجلاً من المسلمين قصد غفلته فلما رفع عليه السيف قال لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال لم قتلته ؟ قال يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلاناً وفلاناً وسمى له نفراً وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال لا إله إلا الله,  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ((أقتلته ؟ قال نعم فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ فجعل لا يزيده على أن يقول كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟)), فيا معشر المسلمين ماذا تفعلون بها, أناسٌ معصوموا الدم, نساء رجال شيبات ركع سجد لله عز وجل موحدون مسلمون, ماذا تصنعون بلا إلا اله إلا الله, ففي الصحيحين من حديث أبي بكرة قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ((إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ)), مجرد الحرص على قتل المسلم يوجب نار جهنم وعذاب الله الشديد إلا من تداركه الله, ثبت عند أبي داود من حديث  أبي الدرداء رضي الله عنه أن  رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول (( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً أو مؤمناً قتل مؤمناً متعمداً )), بل إن من قتل النفس المحرمة من أسباب عدم قبول العمل, لما ثبت من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (( مَنْ قَتَلَ مؤمنا ، فَاغْتَبَطَ بقتله, لم يَقْبل الله منه صَرفا ولا عَدلا)) أي لا يقبل الله من عمله فرضاً ولا نفلاً, ونظير حديث أسامة حديث عقبة بن مالك رضي الله عنه أن سرية لرسول الله صلى الله عليه و سلم غشوا أهل ماء صبحاً فبرز رجل من أهل الماء فحمل عليه رجل من المسلمين فقال إني مسلم فقتله, فلما قدموا أخبروا النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد (( فما بال المسلم يقتل الرجل وهو يقول إني مسلم )) فقال الرجل إنما قالها متعوذاً فصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم وجهه ومد يده اليمنى فقال ((أبى الله علي من قتل مسلما ثلاث مرات )),أي أبى الله توبة عليه, ويؤيد ذلك ما في الصحيحين من حديث ابن عمر نظير ذلك ففي صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (( لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا )) فكان عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ, وهذا محمول أنه يُضيق عليه دينه حتى يرتد عن الإسلام, ومن مات مرتداً لا يتوب الله عليه لقول الله تعالى ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة:217], ولقول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ[آل عمران:90], ومثله ما صح من حديث أبي الدرداء عند أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ((لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دما حراما, فإذا أصاب دماً حراماً بلح)), ومعنى بلح كما في النهاية لان الأثير انقطع, أي ينقطع عن العمل ويهلك, وإذا انقطع عن العمل هلك, فيا أيها المسلمون لا تعرضوا أنفسكم لتضيق دينكم ولانقطاعكم عن الأعمال الصالحة ولبعدكم عن رب العالمين بسبب دماء المسلمين المحرمة, ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )).
دماء المسلمين محرمة, كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه,في الصحيح عن المقداد رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تَقْتُلْهُ)), فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ)), من معاني هذا الحديث أنه صار معصوم الدم بالإسلام  وأنت حلال الدم تقتل حداً بسبب قتلك له, كما كان حلال الدم قبل أن يقولها, تأملوا هذه الأحاديث أيها الناس واعلموا أن دماء المسلمين ليست مهدرة من أجل ملك فلان, فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم قال(( يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماً يقول يا رب  سل هذا فيما قتلني, فيقول لما قتلته؟ فيقول قتلته من أجل أن تكون العزة لفلان, قال إنما العزةُ لِي, قال فيبؤ بإثمه الحديث ))
إن هذا أمر يغضب الله ويصير صانع ذلك أبغض الناس إلى الله, ففي صحيح البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ((  قَالَ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ )), وهذا وعيد من طلب دم أمرىء مسلم سؤاء قتله أو سعى في قتله يصير  ابغض الناس إلى الله, لأنه ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.
ما هذه الجراءه عباد الله, في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق )), وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ)), هذا من المهلكات التي توبق دنيا الإنسان وآخره.
المسلم يكون مسلّماً للناس ولا يكون مؤمناً حقاً إلا بذلك, ثبت من حديث فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (( المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم)),الآن بلاد المسلمين ما امنوا على أنفسهم وأموالهم وكأنك بين وحوش, لا يأمن الإنسان على نفسه لا في سفره ولا في حضره ولا على ماله ولا على دمه, وفي الصحيح أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ)), وفي رواية لمسلم (( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) قال النووي" البوائق الغوائل والشرور, وترويع الآمنين", وقد صح عن أبي داود والطبراني وغيرهم عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً )), وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه)) أي وإن كان مازحاً على شقيقه, وأعظم الظلم والترويع بعد الشرك بالله هو قتل الأنفس البرئية, بسبب الدنيا وبسبب التحاسد والتشاحن لما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)), فكل ما ترونه الآن بسبب التهالك على الدنيا والشح عليها.
أين أنتم من قول الله تعالى ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[الحديد:21].
 
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فيقول الله عز وجل ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:86], الفت نظرك إلى عواقب الذين افسدوا في الأرض ماذا صنع الله عز وجل بهم, الفت نظرك إلى فرعون وقارون وهامان وغيرهم ممن قال الله تعالى عنهم ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[العنكبوت:40].
الفت نظرك إلى حكم الله فيمن قطع الطرق وظلموا المساكين وروعوا الآمنين ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة:33], الله أخزاهم في الدنيا و أعد لهم العذاب الأليم في الآخرة.
فيا أيها المعتصمون ويا أيها المقتطعون للطريق جميعاً تأملوا هذه الأدلة كما أمركم الله عز وجل ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ[ص:29], تدبروا قول الله ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ[الأعراف:86], ارجع والمراجيم عليه ويصدونه وهو في طريقه﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ , هذا دليل عظيم يتأمل وأمثال ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثير.
أيها الناس لا تهلكم الدنيا ومن أجلها تضحون بالآخرة ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء:77], واعلموا أن ما يقدمه الإنسان من خير أو شر سيلقاه ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة:8], ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء:47], وقال الله سبحانه وتعالى ﴿هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [يونس:30],لا تغتروا بأعمال الدمويين لا تغتروا بالمفتونين لا تغتروا بجلساء السؤء قال الله عز وجل ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا﴾ [الفرقان:29], ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس:37] وقال الله عز وجل في كتابه الكريم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ــ هذا الذي من أجله تغضب ومن أجله تتركب المحرمات لا تجني عليه ولا يجني عليك ــ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ * إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:34], ما تدري ماذا تقدم عليه  أنت, أنت اليوم على ظهر الأرض وغداً في بطنها ليس معك إلا عملك الذي قدمته, ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه  أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ((  يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ)), اتقوا الله في دماء المسلمين.
أيها المسلمون: يوم القيامة ما ستنفعكم  أن تقولوا هي ثورة, أن تقولوا فلان هو المسؤول أو ليس مسؤول سؤاء من الحكام أم من المحكومين, الواجب حقن دماء المسلمين كما حقنها الله وكف الشر والأذى عن الناس, قال النبي عليه الصلاة والسلام ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس )), أخرجه مسلم. فمن سلم المسلمين من مثل شوكة يكون ذلك من أسباب دخوله الجنة, فما بالك بمن دفع عن الناس المهالك, والله عز وجل ليس بغافل عن كل كبيرة وصغيرة, يقول الله سبحانه وتعالى فيه ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف:49], وقال تعالى ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ [الشمس:15],كل هذا بسبب الذنوب, ناقة عقروها فأهلكهم الله فما بالك بمن يزهق الأرواح, نسأل الله السلامة والعافية وأن يدفع عنا وعن هذه الدعوة المباركة وعن بلادنا وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن, وأن يأخذ بنا إلى أسباب السعادة بتجنب الفتن لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن)),قال عَلَيْهِ الصلاة وَالسلام (( سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ــ أي تهلكه ــ  وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ)), فالسلامة كل السلامة أن تأتي يوم القيامة ولا أحد يطلبك بدم, ثبت من حديث  أنس رضي الله عنه أنه  قال : غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا قال (( إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال))
والحمد لله رب العالمين
سجلت هذه المادة وفرغت في 12 جماد الأولى 1432هـ
 
ويمكنكم تحميل هذه المادة على صيغة pdf  على هذا الرابط