الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ -
الاخبار

البرنامج اليومي للشيخ يحيى بن علي الحجوري

2009/06/02

 

البرنامج اليومي للشيخ يحيى بن علي الحجوري

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما بعد:

فإن الله قد أنعم علينا بنعم كثيرة لا يستطاع عدها، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم:34]. فله الحمد على كل نعمة أسداها، وكل منة علينا أعطاها، ومن أجلها أن أنعم علينا بنعمة الإسلام، ونعمة السنة، ونعمة طلب العلم الشرعي، علم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم، في زمن كثر فيه الجهل وكثرت فيه البدع والعقائد المنحرفة.

فلله الحمد والمنة أن هدانا لطلب العلم الشرعي في هذه الدار المبارك، عند شيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي ‑رحمه الله‑ وأسكنه فسيح جناته، ثم لله الحمد أن ثبتنا لمواصلة طلب العلم عند خليفته على دعوته العلامة الناصح الأمين شيخنا يحيى بن علي الحجوري ‑حفظه الله‑ الذي كان سببًا في ثبات هذا الخير في هذه الدار المباركة [دار الحديث بدماج] بعد موت مؤسسها شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله.

فما زال طلاب العلم من هذا الخير ينهلون، ومن هذا الشيخ وفقه الله يستفيدون، وإليه من أصقاع المعمورة يرحلون.

فدروسه مستمرة فهو في الصباح الباكر يصلي بنا إمامًا في دار الحديث بدماج ‑صلاة الفجر‑ وقد منَّ الله عليه بصوت طيب في قراءة القرآن، ثم بعد الصلاة، وأذكار الصلاة، يقوم من أراد السفر من طلبة العلم في الدار، أو الضيوف الوافدين لطلب العلم بالاستئذان منه.

وبعض الزوار أو الطلاب لديه أسئلة مستعجلة يقدمها للشيخ، ثم يُسمِّع ما يسر الله له من القرآن، تارة ثلاثة أجزاء أو أقل أو أكثر، فهو يحفظ القرآن، وله به عناية طيبة في مراجعته، والإستدلال به، وأحكامه، ولهذا لا يخرج من المسجد إلى البيت في هذا الوقت إلا إذا كان مريضاً،  أو لأمر لا بد منه ثم يصلي الضحى بعد طلوع الشمس.

ثم يذهب إلى بعض دروسه منها الآن في هذا التأريخ 1430هـ درس في «سبل السلام» للإمام الصنعاني ‑رحمه الله‑، و«إعلام الموقعين» للإمام ابن القيم ‑رحمه الله‑، وقد كانت قبلها في هذا الوقت عدد من الكتب قرئت عليه، ويعلق علها بشرح طيب يحضر ذلك عدد هائل من الطلاب، أهم تلك الكتب النافعة التي قرءت عليه في هذا الوقت: «زاد المعاد» للإمام ابن القيم ‑رحمه الله‑  و«الإيمان الأوسط» لشيخ الإسلام، رحمه الله و«مقدمة أصول التفسير» لشيخ الإسلام أيضا، وقد طبعت بشرحه عليها، و«الرسالة» للإمام الشافعي رحمه الله، و«شرح علل الترمذي» لابن رجب رحمهما الله، وهو الآن يرص للطبع بتعليقه عليها، و«الأذكار» للنووي رحمه الله، و«حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» لابن القيم رحمه الله، و«تطهير الاعتقاد» للصنعاني رحمه الله، و«الموقظة» للذهبي رحمه الله.

 ثم بعد هذا الدرس: يدخل بيته ويستمر في مواصلة بحوثه التي هي الآن قريبة من [مائة] بحث. البعض قد طُبِع، والبعض في الطريق، والبعض ما زال مخطوطاً يبحث إلى ما استطاع من الوقت ثم يقيل، وقد يأتي ضيوف مستعجلون فيدق غليه الحراس الباب ويوقظونه للجلوس معهم.

وبعض من يأتي في هذا الوقت من مشايخ القبائل، أو المسئولين يأتون زيارة، أو معهم بعض الإشكالات والقضايا.

ثم يخرج لصلاة الظهر، ثم بعد الصلاة وأذكارها، وصلاة لراتبة كل يوم درس إما في «تفسير ابن كثير»، أو «الجامع الصحيح» لشيخنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي، يوم بيوم غير يوم الجمعة فلا درس فيه قبل صلاة الجمعة.

وقلما يمر يوم وليس معه ضيوف طوال العام وذلك لكثرة الطلاب، والزائرين وبعض الأحيان لا يتَّسِع للضيوف منزله فينزلهم في ديوان الضيوف، فهو قريب من بيته ملتصق به.

ودائمًا يحث إخوانه على إكرام الضيوف، أو يكرم ضيوفه، ويقرِّب لهم الطعام بنفسه. ثم يرجع في مواصلة بحوثه والإجابة على الأسئلة الخطية ونحو ذلك إلى العصر.

ثم يخرج لصلاة العصر، وبعدها يدرس «صحيح الإمام البخاري».

ويستنبط من الأحاديث استنباطات طيبة وعجيبة وموفقة بعد تسميع الطلاب للحديث الماضي يسمعون فئات فئات، لأنهم كثير؛ فيحفظون  صحيح البخاري مع أن أكثر الطلاب يحفظون القرآن إلَّا من كان مقصرًا وإلَّا فالشيخ يحث على حفظ كتاب الله، والحفظ من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والبعض يحفظ «بلوغ المرام»، والآخر «صحيح مسلم»، والآخر «رياض الصالحين»، و«ألفية ابن مالك»، و«كتاب التوحيد» للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب النجدي، و«لمعة الاعتقاد»، و«الواسطية»، «والطحاوية»، و«الورقات»، و«ملحة الإعراب»، و«البيقونية»، و«قصب السكر»، و«السفارينية»، و«الموقظة» وغيرها كثير جدًا من المحفوظات سواء في التوحيد والعقيدة، والنحو، والفقه، و المصطلح...، ثم بعد ذلك يذهب بعد العصر إلى ضيوفه في مجلس الضيوف؛ ناصحا ومجيبا على أسئلتهم، وما كان هناك من حل بعض المشاكل بين طلاب العلم يحكمهم الكتاب والسنة على فهم السلف.

فبعض الطلاب جزاهم الله خيرًا ونفع الله بهم لم يختلف أحد منهم مع أخيه أبدًا، ولهم سنوات في الدار، وبعض منهم لديه حصيلة علمية يستطيع أن يقيم مركزًا في أي بلد من البلدان، فإذا جاء أحدًا يريد من يقيم دعوة في بلده وجه الشيخ بذلك، إن رأى أنهم أهل سنة، وعندهم قبول لها سواء في اليمن أو خارجها.

ثم تكون نصيحة مختصرة للضيوف ويجيب على أسئلتهم في بعض الأحيان، والبعض الآخر يجعل الإجابة عليها: بين مغرب وعشاء في وقت الدرس العام. والضيوف في أكثر الأيام من مختلف بلاد اليمن ومن خارجها.

ثم بعد تلك يدخل البيت، يتناول فطوره إن كان صائمًا؛ الإثنين والخميس أو الأيام البيض، ويخرج لصلاة المغرب، ثم بعد الصلاة والأذكار والراتبة يدرّس في «صحيح مسلم»، ثم  بعده في «سنن البيهقي الصغرى»، ثم «اقتضاء الصراط المستقيم» لشيخ الإسلام.

وفي بداية الدروس دروس مختصرة كثيرة، يقرؤها بعض الطلاب غالبهم من الصغار الذين يشجعون على الحفظ، من حفظهم فيعلق عليها بشرح طيب، وقد خرج من هذه الشروح في هذا الدرس المختصر قبل «صحيح مسلم»: «شرح لامية ابن الوردي» «وشرح الواسطية» و«شرح السفارينية» و«شرح البيقونية» و«شرح قصيدة غرامي صحيح» و«شرح منظومة ابن تيمية في الرد على القدرية» التي في سياق احتجاج يهودي وإجابة شيخ الإسلام عليه. و«شرح لامية شيخ الإسلام » وهو الآن يرص، وغيرها، ثم بعد التعليق على مثل هذه المختصرات يجيب على أسئلة الزائرين، فإن لم يكن زائرون يجيب على أشكالات الطلاب، وينصح ويوجه ببعض الأشياء وقد خرج من هذه الإجابة على هذه الأسئلة خمسة مجلدات بعنوان: «الكنز الثمين في الأجابة عن أسئلة طلبة العلم والزائرين » ومجلد آخر بعنوان «إتحاف الكرام بالإجابة عن أسئلة الزكاة والحج والصيام » ومجلد آخر بعنوان «الإفتاء على الأسئلة الواردة من دول شتى» والباقي غيرها مما لم يطبع بعد كثير والفضل لله وحده.

وفي بعض الليالي تكون له محاضرة على الهاتف إلى أعداد من المساجد في داخل اليمن وخارجه، فإذا علم الطلاب أن له محاضرة في تلك الليلة وضع كثير منهم هواتفهم المحمولة فكل يوصل إلى أهل قريته تلك المحاضرة الهاتفية ويحصل فيها النفع العظيم.

وقد طبع من تلك الخطب والمحاضرات مجلدان وبقي مما يجهز للطبع سلسلة مجلدات.

بعنوان: «إصلاح الأمة بالخطب والمواعظ من القرآن والسنة».

وبعد صلاة العشاء قد يدخل بعض الطلاب معه لحل بعض الإشكالات والمشورات التي لابد منها.

ثم بعد ذلك قد يجيب على أسئلة عبر الهاتف من دول شتى أو من اليمن. وربما طلبوا منه نصيحة، فيلقيها لهم ويجيب على أسئلتهم نحو ساعة، ثم يعود إلى مراجعة بعض بحوث إخوانه طلاب العلم والتقديم لها ثم ينام.

وله قسط من قيام الليل. وهو مع ذلك لديه أسرة كبيرة يقوم بما أوجب الله عليه من الرعاية والاهتمام بهم قدر المستطاع.

فجزاه الله خيرا، ونفع به الإسلام والمسلمين، فلهذه الأمور ولغيرته على السنة ودفاعه عنها وعن أهلها، ولصموده أمام الباطل بالحق والنصح، وثباته على الكتاب والسنة، أحبه طلابه وإخوانه الصالحون الناصحون؛ كما ذكر شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في مقدمة «ضياء السالكين» وكثر أعداؤه الحاسدون الحاقدون فلم يظفروا بشيء إلا مجرد الأذى؛ فإن مما علم منه أنه يبغض الفتن جدًا ويبغض البغي والعدوان؛ فإذا بغي عليه أو على هذه الدعوة المباركة أحد قام بجهده في دفع ذلك البغي، مع تعاون إخوانه الأخيار من الطلاب، وأهل البلاد وغيرهم كثير معه، فيدفع الله ذلك البغي والشر عنه وعن الدعوة وينصره الله عز وجل.

هذه نبذة مختصرة عن دار الحديث بدماج وبرنامج شيخها بعد شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله، هذا هو برنامجه اليومي بما هو معلوم عند جميع طلاب الدار، كتبت ذلك بياناً لظلم من حقر هذه الجهود النافعة للإسلام والمسلمين، من قبيل بعض من عايشها وتربى عليها بين يدي هذا الشيخ حفظه الله، ثم نقض غزله أنكاثاً وصار إلى زمرة المتحزبين الحاقدين، ولهذه الجهود النافعة من المتنكرين، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

كتبه/أبو بشير محمد بن علي الزعكري الحجوري