فهرس الكتاب
أهم أسباب فشل القضاة وهلاكهم.
أهم أسباب فشل القضاة وهلاكهم.
الجهل:
فرب قاض لا تجد عنده من العلم ما يؤهله لتولي هذه المهمة، وإنما اشتراها بالوساطات، والهدايا والرشوات.
والنبي صلى الله عله وسلم يقول: «إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ». أخرجه البخاري رقم (59)
أخذ الرشوة على الحكم:
قال الله تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾; [البقرة:188].
قال البغوي رحمه الله: لا تعطوا الحكام على سبيل الرشوة؛ ليغيروا الحكم لكم، وقال الله تعالى: ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى﴾; [لأعراف:169]. أي يرتشون في الأحكام.
قال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (7174).
بَاب هَدَايَا الْعُمَّالِ، وذكر حديث أبي حمَيْد السَّاعِدِيُّ «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا». وأخرجه مسلم رقم: (1832).
قال النووي: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنه خان في ولايته وأمانته، ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدى إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال وقد بين، .. بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة وقد سبق بيان حكم ما يقبضه العالم ونحوه بإسم الهدية وأنه يرده إلى مهديه فإن تعذر فإلى بيت المال، اهـ.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عله وسلم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم «هُوَ فِي النَّارِ» فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. أخرجه البخاري (6/130).
وأخرج مسلم رقم: (114) فقال:
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عله وسلم فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ» قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله رقم: (1741).
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عله وسلم يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا»؟ قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ»؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا»؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: «أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ»؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا»؟ قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ» قُلْنَا: بَلَى قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ»؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «اللهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». وأخرجه مسلم رقم: (1679).
وقال الإمام أبو داود رحمه الله رقم: (3580).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.
والحديث حسن وله شواهد يصح بها.
عن أبي هريرة عند الترمذي (1336) وأحمد (2/387) وابن الجارود رقم: (585) وسنده حسن.
وعن ثوبان عند (5/279) بزيادة (والرائش بينهما) قال ابن الأثير: في النهاية: الرائش الذي يسعى بين الراشي والمرتشي؛ ليقضي أمرهما، وفيه ليث بن أبي سليم ضعيف، وهذه الزيادة من طريقه.
وعن أم سلمة عند الطبراني (23/951) قال الهيثمي: في مجمع الزوائد (4/199) رجاله ثقات، والصواب أنه ضعيف فيه موسى بن يعقوب الزمعي ضعيف، وفيه قريبة بنت عبد الله بن وهب مجهوله.
سوء التربية
فرب قاض يتخرج من بعض الجامعات الغربيه قد قضى دراساته وأوقاته بين أصناف العواهر، فإذا انتهى من دراسته يكون قد تشبع بالأفكار الرديئة، ثم يخرج بفكره المقلوب، ولحيته المحلوقة، وبنطاله المسبل يقضي بين المسلمين على ضوء القوانين، وبعض طرقات الغربيين.
وآخر يتلقى دراسته في بلاد المسلمين على غرار تلك الدراسة ويكون غاية همته الوصول إلى الوظيفة؛ للحصول على ما يؤمله من حطام الدنيا الزائل، وقد يتخرج بسوء فهم وسوء معتقد وسوء شعور بأهمية هذا الأمر فما عساه يتوقع من هذا؟! ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً﴾; [لأعراف:58]، ويكمل ما نقص جلساء السوء.
روى الشيخان في صحيحهما من حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً».
وأخرج الإمام مسلم رحمه الله رقم: (2742) فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عله وسلم قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ».
وينشأ عن هذه التربية ضعف الخوف من الله عزوجل، ومن قلّ خوفه من الله عزوجل قلّ خيره بقدر قلّة خوفه؛ فإن الخوف من الله حاجز عن معاصيه، ودافع إلى طاعته عزوجل.
قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾; [المائدة:27-29].
وقال تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً﴾; [الانسان:7].
وقال تعال: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾; [النور:36-37].
وأجدر من تنطبق عليهم هذه الصفات الذميمة والأخلاق الوخيمة، قضاة الشيعة والصوفية، وجل من تأصلت في قلوبهم نجاسة الحزبية التعددية والواقع شاهد على ذلك، فهذه نصيحة وبيان حملنا على أدئها نصوص السنة القرآن، والله المستعان وبه الثقة وعليه التكلان.
شارك هذا المحتوى
ساهم في نشر العلم والدال على الخير كفاعله