من حق المرأة على أبيها: ومن حقوق المرأة على أبيها حسن الرعاية: العدل بين الأخوة والأخوات في الهبة حال حياته السعي على الأولاد مما ذكر الله في كتابه الكريم في هذا من حقوقها في المواريث ومن حقوقها في الإسلام أنها ليست تركة كسائر التركات يرثونها كما هو شأن الكفار في الجاهلية ومن حقها أن يزوجها على مسلم مستقيم كفء ومن حقها على زوجها حسن العشرة ومن حقوقها على أولادها برهم لها حق الوالدين أوجب من جهاد الكفار تحريم سب الوالدين أو التسبب في سبهما بر الوالدين من أسباب استجابة الدعاء حق الأم أوجب من حق الأب ولها حق على غيرهم من الأرحام وجوب حسن الرعاية فتنة النساء من أسباب هلاك بني إسرائيل باب تجنيد النساء واختلاطهن بالرجال يؤدي إلى مصافحتهن لهم تجنيد المرأة يدفعها إلى الاختلاط بالرجال من المدربين والسائقين والفنادمة وغيرهم وربما أدى إلى الخلوة فأين الغيرة باب الغيرة على المحارم غيرة الزبير غيرة عمر غيرة سعد بن عبادة ومن أدلة تحريم اختلاط النساء بالرجال الأجانب أدلة النظر إلى المخطوبة الاختلاط بداية الانحلال تجنيد النساء يدفع بهن إلى لعنة الله تجنيد النساء فتح باب الزنا على مصرعيه شبهة وردها تجنيد النساء سبب لعدم فلاح البلاد تجنيد النساء يعينهن على الخروج من بيوتهن تجنيد النساء من أسباب تأخرهن عن الزواج وعدم تربية الأولاد نفس العفيف تتقزز من الزواج بالعسكرية رفقا بالقوارير تجنيد المرأة يشجعها على أنها تتصور متبجحة بذلك لغير ضرورة تجنيد النساء يذهب عنهن الحياء تجنيد النساء تشبه بالكفار
حقوق المرأة في الإسلام لا مزيد عليها

فتنة النساء من أسباب هلاك بني إسرائيل


فتنة النساء من أسباب هلاك بني إسرائيل
قال تعالى:﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾;.
وقال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾;.
وجاء من السنة المطهرة ما يبين بعض أسباب هذا الهلاك, فقد روى الإمام مسلم في (صحيحه) رقم (2742), من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».
وأخرج البخاري في (صحيحه) رقم (3436) ومسلم رقم (2550), من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «أن جريجا من بني إسرائيل كان متعبدا في صومعته، فتذكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه...» وذكر الحديث.
قلت: ومن الذي يأمن على نفسه فتنة النساء والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء». أخرجه البخاري رقم (5096), ومسلم رقم (2740), من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-.
ويقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن». أخرجه مسلم رقم (79).
وأخرج مسلم رقم (1403), من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رأى امرأة، فأتى امرأته زينب، فقضى حاجته، ثم خرج إلى الصحابة فقال: «إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان, فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأتي أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه».
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: قال العلماء: معناه أنها شبيهة بالشيطان في الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة. اهـ باختصار.
وأخرجه أحمد في (المسند) (4/231) من حديث أبي كبشة الأنماري أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان جالسا في أصحابه، فدخل ثم خرج وقد اغتسل فقلنا: يا رسول الله قد كان شيء؟ قال: «أجل، مرت بي فلانة فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا؛ فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال». وسنده حسن.
ومن يأمن على نفسه فتنة النساء وربنا سبحانه يقول:﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾;.
وثبت من حديث ابن مسعود عند الترمذي (4/337 (تحفة)), أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان».
وثبت من حديث صفية أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم». أخرجه البخاري رقم (2035), ومسلم رقم (2175).
وربما تسمع من بعض الناس يقول: إن قلبه طاهر لا يفكر بالوقوع على الزميلة الفلانية ولا الفلانية, وهو والله ماكر مخادع فلو كان قلبه طاهرا لانقاد لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وابتعد عن الاختلاط بالأجنبيات وغير ذلك من المحرمات ظاهرا وباطنا، ففي (الصحيحين) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب»، فهل قلب هذا الدجال أطهر من قلب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه الذين كانوا أبعد الناس عن ذلك، وحال هؤلاء مع المرأة كما في تلك الأبيات لأحمد شوقي في (شوقياته) (ص150): قال:
برز الثعلب يوما**في ثياب الوعظينا
ويقول الحمد للـ**ـه إله العالمينا
يا عباد الله توبوا**فهو رب التائبينا
وازهدوا في الطير إن الـ**ـعيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديـك يؤذن**لصلاة الصبح فينا
عرض الأمر عليه**وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك عذرا**يا أضل المهتدينا
بلغ الثعلب عني**عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان ممن**دخل البطن اللعينا
أنهم قالوا وخير الـ**ـقول قول العارفينا
مخطئ من ظن يــوما**أن للثعلب دينـــا
وأخرج البخاري رقم (4790), ومسلم رقم (2399), من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب. فأنزل الله آية الحجاب.
أخرج البخاري في (صحيحه) رقم (4792), ومسلم (1428), من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: أنا أعلم الناس بهذه الآية، لما أهديت زينب بنت جحش -رضي الله عنها- إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، كانت معه في البيت، صنع طعام ودعا القوم فقعدوا يتحدثون، فجعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون، فأنزل الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً﴾;.
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾;.
قال الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) (6/384): قال غير واحد من أهل العلم في معنى الآية:﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾; قال: يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شيء إلا عين واحدة تبصر بها. وممن قال ذلك ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني. اهـ
وأخرج الترمذي رقم (1736), وأبوداود رقم (4119) والنسائي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخينه شبرا»، قالت: إذا تنكشف أقدامهن, قال: «يرخين ذراعا ولا يزدن».
قال الطيبي في (شرح المشكاة) (9/2898) ما معناه أن أم سلمة لما سمعت هذا الحديث «إزار المؤمن إلى نصف الساق» ظنت أن هذا الحكم يشملها، فأبان لها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن هذا الحكم خاص بالرجال، أما النساء فيرخين ذراعا من نصف الساقين. اهـ بتصرف, وبنحوه ذكر الحافظ في (الفتح).
وأخرج مسلم رقم (2128), من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها توجد من مسيرة خمسمائة سنة».
وأخرج أحمد (6/30), وأبوداود رقم (1833), وابن ماجة (2935) أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- محرمات, فإذا حاذينا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفنا.
وجاء عند الحاكم في (المستدرك) (1/454) وصححه أن أسماء -رضي الله عنها- قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك للإحرام. اهـ
والحديث من هاتين الطريقين عن عائشة وأسماء حسن.
وقوله تعالى:﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ﴾; الآية.
قال ابن كثير: يعرفن أنهن حرائر ولسن إماء ولا عواهر.
قلت: فأما الإماء فجاءت فيهن آثار تدل على جواز كشف وجوههن، وفي تلك الآثار ضعف, وعموم القرآن على وجوب التزام الإماء بالحجاب، وتلك الآثار الضعيفة لا تخصص ذلك النص الظاهر.
وإنما يعني بالعواهر العواهر من الكافرات، فقد كن يمشين بغير حجاب, فأمر الله عز وجل نساء المؤمنين أن يدنين على وجوههن وأجسامهن الجلابيب الساترة ليتميزن عن العاهرات، ويعرفن أنهن حرائر عفيفات.
قلت: وهذه الآية نظيرها قول الله تعالى:﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾;، فأبان ابن عباس وغيره أن النساء الجاهليات الأوليات اختلطن بالرجال وحصلت الفاحشة.
وقال تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾;.
قال الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) (6/388): أظهر الأقوال في ذلك في قوله:﴿يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾; أي وضع ما يكون فوق الخمار, والقميص من الجلابيب التي تكون فوق الخمار والثياب.
وقال رحمه الله: فمن يحاول منع النساء المسلمات كالدعاة للسفور والتبرج والاختلاط اليوم من الاقتداء بنساء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (أمهات المؤمنين) في هذا الأدب السماوي الكريم المتضمن سلامة العرض والطهارة من دنس الريبة غاش لأمة محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مريض القلب كما ترى. واعلم أنه مع دلالة القرآن على احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب, فقد دلت على ذلك أيضا أحاديث نبوية... ثم ذكر حديث عقبة: «إياكم والدخول على النساء» متفق عليه عن عقبة بن عامر.
... وأخرج البخاري رحمه الله -رقم (4758)-, حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾; شققن مروطهن فاختمرن بها. اهـ
والمرط: هو الإزار، وقد جاء في الحديث بعده برقم (4759) أنها قالت: لما نزلت... أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي (أي الأطراف) فاختمرن بها.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث من (الفتح): ولابن أبي حاتم من طريق عبدالله بن عثمان بن خثيم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه: ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت: إن نساء قريش لفضلاء، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور:﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾;, فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها كأن على رءوسهن الغربان.
قلت: وسند هذا الأثر عن عائشة -رضي الله عنها- صحيح. عبدالله بن عثمان بن خثيم: قال ابن معين: ثقة حجة. وصفية بنت شيبة كما في ترجمة عبدالله من (التهذيب) قد رأت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وحدثت عن عائشة وغيرها كما في ترجمتها من (التهذيب).
فقارن أخي في الله نساء المهاجرين والأنصار في الحجاب وخروجهن للصلاة, كأن المرأة منهن غراب أسود، وبين عواهر عصرنا الجنديات ونحوهن لتعرف أنهن عدن تماما إلى تبرج الجاهلية الأولى، وتخلين عن تعاليم الإسلام والخمار والحجاب والعفة، فاللهم إنا نشكو إليك هؤلاء العواهر ومن أعانهن على هذا المنكر الظاهر.
وأخرج البخاري رقم (2218), ومسلم رقم (1457), من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن زمعة في غلام، فقال سعد: يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد لي أنه ابنه انظر إلى شبهه. وقال عبدالله بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة بن أبي وقاص فقال: «هو لك يا عبدالله بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة». فلم تره سودة قط. اهـ
وأخرج البخاري رقم (2053) بلفظ ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «واحتجبي منه يا سودة» مع حكمه بأن ذاك الغلام أخوها لأبيها، لكن لما رأى الشبه البين فيه من غير زمعة، فإلحاقه بزمعة يقتضي أن لا تحتجب منه سودة بنت زمعة؛ لأنه على ذلك أخوها، وشبهه بعتبة يقتضي أن تحتجب منه لأنه على ذلك أجنبي عنها، فأمر سودة بنت زمعة بالاحتجاب منه احتياطا. اهـ من (الفتح) (4/292) باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات.
وقوله في الحديث «الولد للفراش» أي ولد الزنا لأمه لأنها فراش، و«العاهر» هو الزاني، «له الحجر» أي الخيبة.
ومعنى ذلك أن عتبة بن أبي وقاص محتمل أنه زنى بجارية زمعة في الجاهلية, فأنجبت منه ولدا على فراش زمعة، فكان الولد لها وبما أنه هو سيدها كان ولدها له بالرق من الجارية، والله أعلم.
وشاهدنا من الحديث أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لزوجته سودة بالاحتجاب من ذلك الغلام مع احتمال أنه أخوها، ومع ذلك أمرها بالحجاب منه فكيف بمن هو أجنبي لا شك فيه.
وأخرج عبدالرزاق في (المصنف) رقم (5115) بسند صحيح إلى عبدالله بن مسعود أنه قال: «أخروا النساء حيث أخرهن الله» ,(وعند هذا الأثر آثار وأحاديث كثيرة في صلاة المرأة في بيتها وخلف الرجال).
وأخرج البخاري رقم (372) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات (الصلاة) متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد. وأخرجه مسلم رقم (645).
قال النووي رحمه الله: (متلفعات) أي متجللات، (بمروطهن) أي بأكسيتهن.
وأخرج البخاري رقم (980و324), ومسلم رقم (890), من حديث أم عطية -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله، أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج إلى العيد. فقال: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين» قالت أم عطية: أمر الحيض وذوات الخدور أن يشهدن الخير ويعتزلن مصلى المسلمين, أي لا يختلطن بالرجال كما سيأتي الكلام عليه في فصل الاختلاط.
وأخرج مسلم في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها رقم (1480) من حديث فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- أن زوجها أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة» فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم, فإنه رجل أعمى تضعين خمارك لا يراك».
قال النووي رحمه الله: فرأى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن على فاطمة من الاعتداد عندها حرجا من حيث أنه يلزمها التحفظ من نظرهم إليها، ومن نظرها إليهم، وفي التحفظ من هذا مع كثرة ترددهم مشقة ظاهرة فأمرها بالاعتداد عند ابن أم مكتوم, لأنه لا يبصر ولا يتردد إلى بيته من يتردد إلى بيت أم شريك... بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لقوله تعالى:﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾;.
ثم استدل بحديث نبهان عن أم سلمة أن ابن أم مكتوم دخل فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأم سلمة وميمونة: «احتجبن منه» فقالتا: إنه أعمى لا يبصرنا. فقال: «أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟!...». ثم قال النووي: حديث حسن لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة وأما أمر فاطمة بالاعتداد عند ابن أم مكتوم ففيه أنها آمنة من نظره وهي مأمورة بغض بصرها. والله أعلم.
وأخرج أحمد في (المسند) (4/197و205), وأبويعلى في (المسند) (6/426 بتحقيق إرشاد الحق الأثري). من طريق حماد بن سلمة قال حدثنا أبوجعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة... عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في هذا الشعب إذ قال: «انظروا هل ترون شيئا» فقلنا: نرى غربانا فيها غراب أعصم أحمر المنقارين والرجلين. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان». اهـ
وسنده صحيح ومعناه: قال ابن الأثير في (النهاية): أراد قلة من يدخل الجنة من النساء، لأن هذا الوصف في الغربان قليل. وجاء حديث آخر: «المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم», قيل: وما الأعصم؟ قال: «الذي إحدى رجليه بيضاء». اهـ
وأخرج مسلم رقم (1479), من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لما اعتزل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون الحصى ويقولون: طلق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نساءه. وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب فذكر الحديث الخ... وفيه سبب نزول قوله تعالى:﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾;. وشاهدنا من الحديث قوله: قبل أن يأمر بالحجاب.
وأخرج البخاري رقم (2661), ومسلم رقم (2770) من حديث عائشة الطويل وفيه أنها قالت: كان رسول الله إذا أراد الغزو أقرع بين نسائه فخرج سهمي في غزوة، فخرجت معه بعدما أنزل الحجاب... وذكر الحديث بطوله وفيه: أنهم كانوا يحملونها في هودجها فخرجت منه يوما لقضاء الحاجة فجاءوا فحملوا الهودج يظنون أنها فيه، ثم ساروا وكان صفوان بن معطل في آخر الجيش فمر فرأى سواد إنسان نائم وذكرت الحديث... الخ.
نعم يا وحوش المرأة يا دعاة تحريرها لقد وضح للمسلمين مكركم وعلمت خيانتكم وغشكم، والله بكل شيء محيط وما الله بغافل عما تعملون، وإلا فما هو هدفكم من إخراج ربات البيوت ومربيات البنين وسلوة الأزواج ما هو هدفكم من إخراجهن للاختلاط بالرجال في المصانع والكليات، وطالبتم لهن بمجلس شيخات وصنعتم منهن عسكريات، وكل هذه الأمور من فواحش الأعمال، وإن قال بعض أدعياء العلم وكذبة المتصدرين بغير ذلك فإنما هي الخيانة في أمانة العلم والتضليل بالمرأة المسكينة؛ فيزخرفون لها أنهم يعطونها حقها ويفكونها من أسرها ويساوونها ببعلها وينشئون لها حضارتها، ولقد قال بعض الشعراء:
مدنية لـكنهـا جوفـاءمرجت عقول الناس حتى استحسنت تدعو الهتك السفور فضيلةأوحت إلى الجنس اللطيف بأنهوبأن جبار السماء ورسلهوإذا غشيت المستحم ترى من الـجنبا إلى جنب تقوم وقد علافكأن ميل الجنس جرد منهمالا وازع يزع الفتاة كمثل ماوإذا الحياء تهتكت أستــاره
وحضـارة لـكنهـا أفيـاءمن صنعها ما استقبح العقلاءونتاج ذاك الشر والفحشاءهو والرجال لدى الحقوق سواءهضموا عليها حقوقها وأساءواـجنسين أسرابا حواها الماءذاك الفضاء الضحك والضوضاءأفما تفر من الذئاب الشاءتزع الفتاة صيـانة وحياءفعلى العفاف من الفتاة عفـاء
اهـ من (إصلاح المجتمع) للبيحاني رحمه الله (ص246) بتحقيقنا.
قلت: وهذا في أيام محمد بن سالم البيحاني رحمه الله قبل نحو من ثلاثين عاما، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذ يقول: «لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم»، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم (7068), من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
فقد وصل الحال بهم أن صيروهن عسكريات في الوطن الذي والله إن كثيرا من أبطاله بحاجة إلى تلك الوظائف، ومن أبشعها في حقهن التجنيد فإنه يفتح عليها من الفتن عددا ويوبقها في المحرمات قددا، ومن تلك المحرمات عليها الاختلاط بالأجانب, وهذا من أعظم وسائل الفساد يقول عز وجل:﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾;.
ويقول سبحانه لنساء نبيه الطاهرات:﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾;.
قال ابن كثير رحمه الله وغيره من المفسرين في معنى قوله﴿وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾;: أنها تخاطب الأجانب (للحاجة) بكلام ليس فيه خضوع. أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وقوله﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾; أي: الزمن بيوتكن.
قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: حدثني ابن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا داود بن أبي الفرات قال حدثنا علياء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: تبرج النساء, وتزين لهن الرجال, وتحولوا إليهن ونزلوا معهن فظهرت الفاحشة فيهن.
قلت: وسنده صحيح.
وأخرج البخاري في (صحيحه) رقم (978), ومسلم (885)، من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-. والبخاري رقم (975), ومسلم برقم (884) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خطب الرجال يوم العيد ثم أتى النساء فوعظهن.
قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذه الأحاديث استحباب وعظ النساء وتذكيرهن الآخرة وأحكام الإسلام وحثهن على الصدقة، وهذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما، وفيه أن النساء إذا حضرت صلاة العيد... يكن بمعزل عنهم خوفا من فتنة أو نظرة أو فكر ونحوه. اهـ من (شرح النووي على صحيح مسلم) عند حديث رقم (884).
وأخرج البخاري رقم (981), ومسلم رقم (890) من حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أمرنا أن نخرج يوم العيد فخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور يشهدن دعوة المسلمين ويعتزلن مصلاهم».
ولما أردن الصلاة خلف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في المسجد أمرهن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يكن في الصفوف المؤخرة فثبت عنه في (صحيح مسلم) رقم (440) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» والمقصود به في مقدمة الرجال.
وأخرج البخاري رقم (5232), ومسلم برقم (2172) من حديث عقبة بن عامر أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إياكم والدخول على النساء» قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت».
وأخرج البيهقي في (شعب الإيمان) وابن عدي في (الكامل) (1/192) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ليس للنساء وسط الطريق».
وأخرج أبوداود رقم (5272) من حديث أبي أسيد الأنصاري أنه سمع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول للنساء وهو خارج من المسجد: «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق», فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. والحديث من هاتين الطريقين حسنه العلامة الألباني رحمه الله في (الصحيحة) (2/511) رقم (856).
وقد أخبر الله عز وجل عن ابنة شعيب عليه السلام قال تعالى:﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾;.
قال القاسمي: لا نسقي حتى يصدر الرعاء حذرا من مخالطة الرجال.اهـ من (محاسن التأويل) (13/101).

شارك هذا المحتوى

ساهم في نشر العلم والدال على الخير كفاعله